مصرى فرعونى ملك الفراعنة
عدد المساهمات : 187 تاريخ التسجيل : 24/12/2011 الموقع : i-fr3on.yoo7.com
| موضوع: الهيئات القضائية الإثنين فبراير 27, 2012 3:30 pm | |
| الهيئات القضائية الإجراءات القضائية إن الغالبية العظمى من الشكاوي من القرن الثالث قبل الميلاد كانت تحرر على وجه البردي في سطور تتقاطع عموديًا مع نسيج اللفافة ، التي كان عرضها عادة حوالي 22سم أما طولها فكان يتوقف على طول الموضوع ، مما يدعو إلى العتقاد بأنه كان لا يجوز في القرن الثالث تحرير الشكاوي بأي شكل كان أو على أية قطعة ورق يجدها صاحب الشكوى أو كاتبها ، بل يبدو أنه كان يوجد ورق خاص لهذا الغرض ، على نحو ما يوجد اليوم ورق خاص عليه طابع الحكومة لتقديم الطلبات الرسمية . وفي أغلب وثائق القرن الثالث كانت تستخدم صيغة معينة في تحرير الشكاوي ، فإن الشكاوى تشبه الخطابات من حيث أنها كانت تبدأ بعبارة التحية وتنتهي بعبارة الوداع ، مع فارق واحد ، وهو أن الشكاوى كانت تستخدم في ذلك عبارات أكثر كلفة وتفخيمًا . ومما يجدر أيضًا بالملاحظة أن طريقة كتابة الخطابات كانت كطريقة كتابة الشكاوي أي على وجه لفائف البردي في سطور تتقاطع عموديًا مع نسيجها . وقد كان لب الشكوى ينقسم ثلاثة أقسام ، يشرح أولها الوقائع التي أدت إلى تقديمها ، ويحوى ثانيها طلبات الشاكي ، ويتضمن ثالثها في بعض الأحيان دعاء للملك ، أما في أغلب الأحيان فكان يتضمن ما يؤكد أن الملك بإعطاء الشاكي حقه يثبت عدالته وحسن طويته ويبرهن على أنه حامي رعيته وملاذهم الأعلى ، وكان لب الشكوى يبدأ بقول المشتكي "لقد أضر بين (فلان)" . وفي بعض الأحيان كان يكتفي بذكر اسم المدعي عليه فقط ، وفي أحيان أخرى كان يضاف إلى ذلك اسم أبيه وجنسيته ومقره وصناعته وكل ما يساعد على التعرف عليه . وفي القرن الثالث قبل الميلاد ، كانت الشكوى توجه دائمًا إلى الملك ، وتسلم إما إليه شخصيًا أو إلى ممثلة في الإسكندرية ، وفي خلال هذا القرن كان يسمح لأصحاب الشكاوى الموجهة إلى المك بتقديمها إلى حكام (قواد) المديريات أو المحاكم ، غير أنه عند نهاية هذا القرن عدل عن هذا الترخيص فيما يخص القواد فقط ، وكانت الشكاوى المقدمة للملك يفحصها رجال سكرتاريته ، وتحال إما إلى محكمة الملك أو إلى محاكم أخرى أو إلى قواد المديريات إذا طلب الشاكين ذلك ، وعند إحالة الشكوى إلى محكمة الملك كان يتبع ذلك إعلان المدعي عليه للمثول أمام المحكمة . وكانت القضايا تنظر أمام محاكم القضاة المصريين والمحكمة المختلطة أما نتيجة لقيام القائد بإحالتها إليها بعد فشله في تسوية النزاع وديًا ، أو نتيجة لتقديم الشكاوى إلى هذه المحاكم مباشرة . وكانت القضايا تنظر أمام محاكم القضاة الإغريق نتيجة لإحالتها إليها أو لتقديم الشكاوي مباشرة إليها بإيداعها في الصندوق المخصص لهذا الغرض ، وكان قضاة المحكمة يقومون بتحقيق الشكوى قبل إعلان المدعي عليه للحضور ، وكان يتولى إعلانه أما كاتب المحكمة أو المدعي نفسه .
وعند إحالة الشكوى إلى قواد المديريات أو تقديمها إليهم ، كان يتولى فحصها موظفون مختصون بذلك ، وإذا كان يمكن التصرف فيها في العاصمة ، فإن الإجراءات الضرورية كانت تتخذ في الحال ، وكان يوضع في أسفل الشكوى ملخصها . القضاء الإغريقي أن مهمة القضاة الإغريق لم تكن مستديمة ، ولذلك فإنهم لم يكونوا موظفين يقضون حياتهم العملية في مناصبهم القضائية ، بل يرجح أنهم كانوا أفرادًا من نزلاء البلاد يعهد الملك إليهم بمهمة الفصل في القضايا لمدة معينة . أن كل هيئة من الهيئات القضائية الإغريقية كانت تتألف من ثلاثة قضاة ، و كان يتم تكوين كل هيئة وجود مدع عام وكاتب ومحضر . وقد كانت للمدعي العام أهمية كبيرة فقد كانت تمر بين يديه كافة الالتماسات والوثائق المقدمة إلى المحكمة ، ويدعو المحكمة للانعقاد ، بل يبدو أنه كان أيضًا يوقع الأحكام التي تصدرها ، وكان كذلك يمثل المحكمة في فترات انعقادها وتعرف هيئة المحكمة باسمه ، ويبدو أن هذا الموظف كان يشرح أركان الدعوة ، ولا يترك للقضاة إلا مهمة إصدار الحكم الذي يتفق مع ذلك . وكانت "محكمة القضاة الإغريق" لا تنعقد في عواصم المديريات فقط بل كذلك في مدن إغريقية مستقلة مثل الإسكندرية وبطوليميس ، و الغرض من انعقادها هناك كان الفصل في قضايا إغريق المديريات القريبة من تلك المدن وكذلك إغريق تلك المدن . أن هذه المحاكم كانت تفصل في القضايا المدنية ، وربما ذلك يرجع إلى أنه كان يوجد في عصر البطالمة محاكم مدنية بحتة وأخرى جنائية بحتة. لقد كان الحكم الصادر من محاكم القضاة المصريين في قضية مدنية لا يعتبر فاصلاً في الدعوى ، إلا إذا صحبه عقد تنازل عن الدعوى ، ويبدو أن القانون الإغريقي قد تأثر بهذا المبدأ ، وأن الإغريق استغلوا هذا المبدأ أسوأ استغلال ، مما حدا بأحد البطالمة في أواخر القرن الثاني إلى إصدار أمر يقضي بفرض غرامة كبيرة على من تفصل في أمره محكمة ملكية ويعرض الموضوع نفسه أمام محكمة أخرى ، ويتبين من نص الأمر أن المقصود بالمحكمة الملكية المحكمة التي كان الملك يرأسها القضاء المصري إن المعلومات عن القضاة المصريين طفيف ، غير أنه لما كان البطالمة قد احتفظوا بالقانون المصري لرعاياهم المصريين ، ولما كانت هذه المحاكم المصرية لتطبيق أحكام القانون المصري أي الفرعوني ، فلابد من أنها تمت بصلة إلى المحاكم الفرعونية ، مع بعض التعديلات التي صادفتها في عهد البطالمة . أن الإجراءات المتبعة في المحاكم المصرية كانت تتسم بخاصة حكيمة ، وهي الاشتراط بعدم الفصل في الدعاوي إلا على أساس الوثائق المكتوبة ، فالمحكمة المصرية كانت لا تسمح بالمرافعات الشفوية ، وإزاء انتشار الإغريق في مصر وغرامهم بالخطابة والجدل ، لذلك فالمحاكم المصرية في عهد البطالمة أيضًا كانت تحتم إقامة الحجة على أساس الوثائق المكتوبة ، إلا أنها كانت تسمح بالمرافعات الشفوية ، إذ لابد من أن تكون عدوى الخطابة قد انتقلت من الإغريق إلى المصريين ، ولذلك لا يمكن اعتبار المحاكم المصرية في عهد البطالمة سليلة المحاكم الفرعونية ، فكل القرائن تشير إلى أن تلك المحاكم المصرية البطلمية كانت أقل منها شأنًا . أن الكهنة كانوا أكثر المصريين علمًا وحكمة ودراية بالتقاليد ، وتبعًا لذلك كانوا أقدر من غيرهم على الفصل في مشاكل الناس ،وإذا كانت محاكم القضاة المصريين تتألف من رجال الدين ، فليس معنى ذلك انه كانت لهذه المحاكم صفة دينية . وتشير الوثائق إلى أنه في خلال القرن الثالث قبل الميلاد كان القائد يأمر بإحالة القضايا إلى هذه المحاكم إذا فشل الحاكم الإداري في التوفيق بين المتخاصمين ، و في خلال القرن الثاني قبل الميلاد أصبحت كل محكمة من هذه المحاكم تتألف من ثلاثة كهنة وكذلك من مدع عام يتضح من لقبه أن وظيفته قد اقتبست من النظام الإغريقي ، وكان المدعي العام يقوم بتلخيص القضايا وتحضيرها وتلاوة الوثائق أمام المحكمة عند انعقادها وتنفيذ ما تصدره من أحكام . ويعتقد كثيرون من المؤرخون أن محاكم القضاة المصريين كانت لا تفصل إلا في القضايا المدنية ، على عكس المحاكم الفرعونية التي كانت تنظر في قضايا المصريين المدنية والجنائية . وعلى كل حال فإن الوثائق الديموطيقية تثبت أن محاكم القضاة المصريين كانت كغيرها من المحاكم البطلمية الأخرى ، من حيث أنها كانت لا تفصل في القضايا فحسب بل كان أيضًا يمكن عقد الصلح أمامها بين طرفي الخصومة . القضاء المختلط كان الملك يعتبر كبير القضاة في البلاد ، فهو لم يكن مصدر كافة السلطات فحسب بل كان أيضًا يعني بتصريف العدالة ، حتى أن رعاياه كانوا يعتبرونه ملاذهم الأعلى الذي يفزعون إليه إذا حاق به ظلم ، ولذلك كان يوجد في القصر الملكي بالإسكندرية باب يدعى "باب الأحكام" ، وكان يوجد في المعسكرات مكان خاص يستخدمه الملك قاعة للأكل ولعقد محكمته . أن البطالمة عنوا باحترام عادات المصريين وقوانينهم ، مع ذلك لم يفرضوها على نزلاء البلاد من الأجانب بل أنشأوا لهم من القوانين ما يلائمهم ، فكان للمصريين قوانينهم وللإغريق وغيرهم من الأجانب قوانينهم ، ولما كان أغلب هؤلاء الأجانب من الإغريق ، فقد كان طبيعيًا ألا يرشد البطالمة بوجه عام في تشريعهم الجديد إلا بالقوانين والعادات الإغريقية . كان لابد من أن يعهد بتصريف العدالة بين المتخاصمين إلى قضاة مصريين أو إغريق بحسب جنسية المتخاصمين ليكونوا بذلك أقدر على فهم لغتهم وقوانينهم وعاداتهم ، ولذلك كان يوجد قضاة مصريون للفصل في قضايا المصريين وفقًا لأحكام القوانين المصرية ، كما كان يوجد قضاة إغريق للفصل في قضايا الأجانب وفقًا للتشريع الإغريقي الجديد ، لكنه لم يكن ميسوراً على الدوام تنظيم اختصاص المحاكم وفقًا لجنسية المتخاصمين فقط ، لأنه لم يحظر على الإغريق أن يتعاقدوا وفقًا لأحكام القانون الإغريقي إذا كان في ذلك مصلحة لهم ، اي أن شخصين إغريقين يحررا عقدًا مصريًا ، ومصريين يحررا عقدًا إغريقيًا ، هذا إلى أنه لم يكن هناك مفر من أن يؤدي التعامل بين المصريين والإغريق إلى قضايا يكون فيها طرفًا الخصومة من جنسيتين مختلفتين ، ولذلك فإن وثائق من القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد تذكر وجود محكمة مختلطة . و القاعدة العامة هي أن الملك كان ينيب عنه محكمة مختلطة للفصل في قضايا بين طرفين ينتميان إلى جنسيتين مختلفتين ، وقضاة مصريين للفصل في قضايا المصريين وقضاة إغريق للفصل في قضايا الإغريق وغيرهم من الأجانب ، لكنه كان يستثنى من ذلك (أولاً) الشكاكوي الموجهة ضد موظفي الإدارة وعمال المالية ، و(ثانيًا) القضايا التي يمس موضوعها موارد الملك ، و(ثالثًا) القضايا التي تخص الأشخاص الذين يمدون الخزانة بمواردها ، حتى إذا كان موضوعها لا يمس موارد الملك . إن كافة هذه الأنواع من المشاكل كانت لا تنظر أمام المحاكم العادية ، فقد كان الموظفون هم الذين يفصلون فيها ، غير أن القضاة الإغريق كانوا يساعدونهم في بعض الأحيان ، و كان لرجال الجيش فيما يبدو محكمة خاصة بهم . القضاء الخاص ويمكن تقسيم القضاء الخاص قسمين رئيسيين : أحدهما يتناول الشكاوى التي لها صبغة إدارية أو تمس موظفي الإدارة وعمال المالية ، والقضايا التي تتأثر بها موارد الملك ، والقضايا المدنية والجنائية التي تمس أشخاصًا يخدمون هذه الموارد، مثل زراع الملك وعمال الصناعات التي تحتكرها الحكومة ، أما القسم الآخر ، فإنه يتناول القضايا التي كانت تخص رجال الجيش . فالبطالمة أستثنوا من اختصاص القضاء العادي ، المصري والإغريقي ، القضايا التي كانت لها صيغة اقتصادية أو تتأثر بها الحياة الاقتصادية بأي شكل كان ، فتفاصيل تنظيم موارد الدولة والوسائل التي اتبعت في نظام الالتزام والاحتكارات كانت مليئة بالكثير مما استحدثه البطالمة ، ولذلك كان لابد من أن يكون القضاة الذين يفصلون في هذه النظم الجديدة معدين إعدادًا خاصًا لهذا الغرض . ولما كان تنفيذ الأوامر المالية يمس صميم مصالح الدولة ، فقد كان طبيعيًا في نظر البطالمة أن يعهدوا بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ هذه الأوامر أو عن مخالفتها إلى قضاة أكثر حرصًا وصرامة وسرعة واستعداد من القضاة العادية . وإزاء كل ذلك ، كان البطالمة يعهدون إلى الموظفين المشرفين على دخل الدولة بالفصل في القضايا التي كان لها طابع اقتصادي ، ويبدو أن أولئك القضاة كانوا يضعون نصب أعينهم مصالح الخزانة قبل كل شيء آخر ، ولما كان الملك يسيطر على الحياة الاقتصادية ، فإن الكثير من الأعمال التي كانت تعتبر عادية في كل نظام اقتصادي حر كانت تعتبر في كنف نظام البطالمة مخالفات تستحق العقاب ، ومن ثم كثرت القضايا التي كانت تمس مصالح الخزانة ، مما حدا البطالمة إلى العمل على تخفيف العبء عن المحاكم العادية بإنشاء القضاء الخاص ، ولعل البطالمة قد أرادوا أيضًا بإنشاء القضاء الخاص إعطاء أهمية خاصة للشئون الاقتصادية ، وبيان ما كان لمصالحهم من صفة ممتازة . | |
|