مصرى فرعونى ملك الفراعنة
![مصرى فرعونى](https://2img.net/u/1816/18/34/52/avatars/1-68.jpg)
عدد المساهمات : 187 تاريخ التسجيل : 24/12/2011 الموقع : i-fr3on.yoo7.com
![الشعـــر Empty](https://2img.net/i/empty.gif) | موضوع: الشعـــر الثلاثاء فبراير 28, 2012 8:24 pm | |
| الشعـــر لم يقتصر نشاط الإسكندرية في مجال الشعر على القيام بدور رئيسي في دراسة الشعر القديم ، بل شمل كذلك أحياء فنون الشعر التي أهملها شعراء العصر الكلاسيكي . ذلك أن أعظم شعراء العصر الكلاسيكي وقفوا جهودهم على المسرحيات ـ على حساب فنون الشعر الأخرى ـ وبلغوا بشعرهم مستوى رفيعًا كان يتعذر بلوغه على من أتوا بعدهم ، ولذلك صرف أعظم شعراء العصر الهلينيسي جهودهم في أحياء الشعر غير المسرحي . وليس معنى ذلك أن كل شعراء العصر الهلينيسي انصرفوا عن كتابة المسرحيات ، فقد اشتهر في الإسكندرية شاعر الكوميديا يدعى ماخون وسبقه شعراء للتراجيديا عرفوا في عصر بطلميوس الثاني بالشعراء السبعة ، إلا أن هذه المسرحيات لم تبلغ ما بلغته فنون الشعر الأخرى . وقد كانت بداية حركة الأحياء حوالي عام 300 ق.م. في مدن آسيا الصغرى الواقعة على شاطئها الجنوبي الغربي ، وكذلك في الجزر المجاورة ، وفي تلك الأيام كان الانتقال يسير من كوس أو ساموس إلى الإسكندرية ، وبينما بقى الشعراء الشيوخ في مواطنهم كان الشعراء الشبان يفدون عادة على الإسكندرية . وكانت أحب ألوان الشعر إلى قلوب الإسكندريين هي الشعر الحماسي والمرثيات والشعر الغنائي والشعر السباعي والأبيجراما ويمتاز الشعر الحماسي الإسكندري بالميل إلى الإيجاز ميلاً شديدًا أدى إلى إنتاج القصائد القصيرة ، وبأنه لم يعد كما كان في الماضي مقصورًا على الرواية ، ذلك أن الإسكندريين كانوا يميلون إلى تخطي الحدود التي كانت في الماضي تفصل بين ألوان الشعر المختلفة ، ومن ثم فإن القصائد الحماسية القصيرة اقتبست بعض التفاصيل من المرثيات والشعر الغنائي ، وأصبحت المرثيات تستخدم في الرواية ، وكذلك ظهر في الشعر الغنائي تنوع عجيب. وقد اصطنع شعراء الإسكندرية بعض مظاهر الشعر القديم ، ولكن لم يستمدوا في العادة وحيهم من مصادر الشعر التقليدية ، إذ ليس في شعرهم مكان للعواطف الدينية ولا القومية . ومن العجيب أن شعراء الإسكندرية لم يعنوا بالإشادة بمجهودات زملائهم علماء دار العلم ، لكن بعض هؤلاء العلماء الفوا القصائد عن أعمالهم ، كما كان للحركة العلمية في الإسكندرية أثرها في الشعر ، فإن شعراء الإسكندرية أظهروا اهتمامًا شديدًا في الكتابة عامة ، وبخاصة تلك التي عرفت باسم القصص المحلية ، وأهملت الآداب القديمة شأنها ، فلم ينتشر ذكرها بين الناس لكن تكدست مقادير وفيرة منها في المكتبة الكبرى .
وقد كانت هذه القصص تهدف عادة إلى تفسير بعض العادات أو الطقوس المحلية ، وهذا هو ما أثار شغف الإسكندريين بهذه القصص ، ولو أن أولئك الشعراء قد اعتمدوا على خيالهم أكثر مما اعتمدوا على مراجعهم ، لأصابت منتجاتهم توفيقًا كبيراً ، ويبدو أنه قد ساعد على هذا الاتجاه غنى مكتبة الإسكندرية وتكليف شعراء بتنظيم شئون هذه المكتبة ، فإنه بمضي الزمن أثر علم هؤلاء الشعراء في شعرهم فلم يكن هناك مفر من أن تظهر ثمار قراءتهم في شعرهم ، لكن هؤلاء الشعراء العلماء تخطوا نطاق الذوق السليم في هذه الناحية ، فيتألف أغلب الشعر الأسكندري من كلمات غامضة ، كان أرسطو قد أوصى بها لتنميق الشعر . إن فن الشعر الذي نشأ في مصر كان إغريقيًا بحتًا ، ولا يمت بصلة إلى مصر وشعبها ، حتى أن بعض الشعراء عندما كانوا يتغنون بوصف الطبيعة كانوا لا يصفوا جمال الطبيعة في مصر بل في كوس وسراقوسة . وقد كان الشعراء لا يعرفون عن مصر، وحتى بعد ما عاشوا فيها، إلا ما قرأوه في القصص والخرافات الإغريقية أو ما كتبه هرودوتوس وأفلاطون . وكانوا لا يوجهون عنايتهم إلى شيء من المميزات المحلية ، إلا ما يستطيعون استخدامه في إطراء الملك الذي يرعاهم . ومن العسير أن تظهر في أشعارهم انطباعًا شخصيًا ولو طفيفًا عن رحلة نيلية مثلاً ، وإذا كانت الإسكندرية قد أثرت في إلهامهم ، فقد كان ذلك على نحو ما كانت انطاكية أو برجام تؤثر في شعرائها . وقد أتهم الإسكندريون بإغراقهم في تصوير العواطف ، لكن شعرهم الحماسي يسرف في الاتجاه المضاد لذلك ، وقلما يظهر أثراً للحب في أشعارهم الغنائية أو في مقطوعاتهم أو في أشعارهم التي تصور الطبيعة ، ويبدي الإسكندريون اهتمامًا كبيرًا يفوق اهتمام أسلافهم بتصوير حياة الريف ومناظره ، ويزعم البعض أن هذا الاهتمام كان رد فعل طبيعي لظروف الحياة الصاخبة في مدينة كبيرة مثل الإسكندرية ، لكن هذا الزعم ليس تفسيرًا شافيًا لهذا الاتجاه الشعري ، فإن كوس لم تكن عاصمة كبيرة مثل الإسكندرية ، ومع ذلك يميل شعراؤها أيضًا إلى الطبيعة ، هذا إلى أن حياة الحضر لم تكن أمرًا مستحدثاً ، فقد عاش الشعراء من قبل في مدن كبيرة مثل أثينا وسراقوسة . ولذلك يبدو أنه لا يمكن تفسير اهتمام الشعر الهلينيسي بالطبيعة إلا بحدوث تغيير جوهري في وجهة نظر الشعراء ، الذين أخذوا يبحثون عن مصادر جديدة لوحيهم ، فدفعهم ميلهم للتجديد إلى الاهتمام بناحية كان أسلافهم قد أهملوها . | |
|