انا الفرعون
الثورات القومية I3774710


الثورات القومية 32255_10

اهلاً وسهلاً بيك يا باشا نورت بيتك ومطرحك والله


bالثورات القومية 32255_10


اتفضل يابرنس الليالى ادخل فى المنتدى لو كنت سجلت قبل كدة عندنا من
هنا
لكن لو انت مكنتش مسجل عندنا قبل كدة اتفضل روح سجل من
هنا
وعلى فكرة دى مش عزومة مركبية Cool ولو انت مش عاوز تسجل معانا وعاوز تدخل تدور على اى مزة قصدى اى حاجة ادخل ودور براحتك Smile دة انت فى بيت المصريين يعنى لازم نكرمك دة انت فى بيتنا يا راجل


بقولك ايه يا معلم من الاخر كدة هنا انت فى منتديات انا الفرعون يعنى كل حاجة انت عاوزها عن مصر من اول عصر الفراعنة لغايت دلوقتى


لو انت
مصرى
انا عارف ان محدش هيقدر يكلمك دة انت مصرى يعنى من ام الدنيا Cool لكن لو انت عربى فمرحباً بك اشد الترحيب علشان برضوا لازم نكرمك وعندنا محدش يقدر يكلمك


ارفع راسك فوق انت مصرى
انا الفرعون
الثورات القومية I3774710


الثورات القومية 32255_10

اهلاً وسهلاً بيك يا باشا نورت بيتك ومطرحك والله


bالثورات القومية 32255_10


اتفضل يابرنس الليالى ادخل فى المنتدى لو كنت سجلت قبل كدة عندنا من
هنا
لكن لو انت مكنتش مسجل عندنا قبل كدة اتفضل روح سجل من
هنا
وعلى فكرة دى مش عزومة مركبية Cool ولو انت مش عاوز تسجل معانا وعاوز تدخل تدور على اى مزة قصدى اى حاجة ادخل ودور براحتك Smile دة انت فى بيت المصريين يعنى لازم نكرمك دة انت فى بيتنا يا راجل


بقولك ايه يا معلم من الاخر كدة هنا انت فى منتديات انا الفرعون يعنى كل حاجة انت عاوزها عن مصر من اول عصر الفراعنة لغايت دلوقتى


لو انت
مصرى
انا عارف ان محدش هيقدر يكلمك دة انت مصرى يعنى من ام الدنيا Cool لكن لو انت عربى فمرحباً بك اشد الترحيب علشان برضوا لازم نكرمك وعندنا محدش يقدر يكلمك


ارفع راسك فوق انت مصرى
انا الفرعون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
انا الفرعون

منتدى فرعونى لكل فرعونى مصرى اصيل
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
اهلاً ومرحباً بك يا زائرنا الكريم اذا كنت مسجل قبل ذلك فتفضل بالدخول فى المنتدى من
هنا
اما اذا كنت غير مسجل واردت التسجيل اضغط
هنا

 

 الثورات القومية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مصرى فرعونى
ملك الفراعنة
مصرى فرعونى


عدد المساهمات : 187
تاريخ التسجيل : 24/12/2011
الموقع : i-fr3on.yoo7.com

الثورات القومية Empty
مُساهمةموضوع: الثورات القومية   الثورات القومية Icon_minitimeالإثنين فبراير 27, 2012 3:42 pm

الثورات القومية




بوادر التذمر




لقد شقى المصريين ، إذ أنهم لم يكونوا خاضعين لملوك غرباء فحسب بل كذلك لجنس غريب بأسره تغلغل في جميع نواحي حياة البلاد ، فلم تنج طبقة واحدة من المصريين من استبداد البطالمة واستغلال الإغريق .
فلا عجب إذن أن نبضت قلوب المصريين بكراهية الأجانب ، وإن أنفجر مرجل غضبهم في وجه مغتصبي بلادهم ، فقد تضافر في إشعال لهيب الثورات المصرية عاملان لهما أقوى الأثر في حياة الناس في كل زمان ومكان ، وهما العامل القومي والعامل الاقتصادي .
ويريد بعض المؤرخين إلقاء كل تبعة هذه الثورات على بطلميوس الثاني ، لأنه حتى إذا كان بطلميوس الأول يشارك أبنه آراءه التي أكسبت مصر طابعها في عهد البطالمة ، فإن الظروف المحيطة به لم تمكنه من تنفيذها ، إذ يحتمل أن يكون الإسكندر الأكبر قضى على الاحتكارات القديمة وأنه لم يعد إنشاءها إلا بطلميوس الثاني ، ولأن بطلميوس الثالث لم يفعل إلا أنه أقتفى أثر سياسية أبيه .
وأذا كان يجب أن يتحمل بطلميوس الثاني الجانب الأكبر من تبعة الثورات المصرية ، بسبب شدة عطفه على الإغريق ومعاملتهم معاملة ممتازة ، واختفاء المصريين من المراكز الرفيعة في الحكومة ، وتضييق الخناق على رجال الدين المصريين ، وبسبب ذلك النظام الاقتصادي والمالي الصارم الذي أرهق المصريين ، فلابد من أن يتحمل بطلميوس الأول وسائر البطالمة جانبًا من هذه التبعة ، لأنهم لم يحاولوا إنشاء دولة قومية .
ولأنه يبدو مما ورد ذكره عن بطلميوس الأول أنه وإن كانت الظروف قد فرضت عليه أن يتوخى جانب الاعتدال في معاملة المصريين في بداية حكمه ، إلا أنه مع ذلك قد وضع أساس معاملة المصريين معاملة المقهورين المغلوبين على أمرهم ، ومعاملة الإغريق معاملة السادة ، وقد أقتفى أثر هذه السياسة سائر البطالمة حتى المتأخرين منهم ، الذين وإن كانوا قد حاولوا منذ عهد بطلميوس الرابع كسب ود المصريين ببعض المنح ، فإنهم لم يغيروا هذه السياسة تغييراً جوهرياً .
لقد ضاق المصريون ذرعًا بالنظام الاقتصادي والمالي ، و وقعت اضطرابات بين المزارعين ، كانت تنتهي بإضرابهم عن العمل وفرارهم إلى المعابد للاحتماء بالآلهة ، ولم تقل عن ذلك شأنًا الاضطرابات التي كانت تنشأ بين المشتغلين بالصناعة والتجارة في كنف النظام الجديد ، ولم يفض ذلك إلى الإضراب عن العمل فحسب ، بل كذلك إلى تهريب السلع وبيعها دون تصريح .
وقد أدت أيضًا مختلف أنواع الخدمة الجبرية إلى اضطرابات واضرابات مماثلة ، ولشد ما كانت الحكومة تنزعج من كل هذه القلاقل ، فكانت تقابلها بعقوبات صارمة .

و النظام لم يكن صارماً فحسب ، بل كان تطبيقه في قبضة أجانب اعتبروا أنفسهم أرفع قدراً وأعظم شأناً من المصريين ، ولم يتكلموا اللغة المصرية بل أرغموا على الأقل بعض المصريين على تعلم لغتهم الأجنبية .
وكانوا لا يعبدون آلهة البلاد بل آلهتهم الأجنبية التي أحضروها معهم ، ولا يحيون الحياة التي كان المصريون يألفونها بل حياتهم الخاصة ، وكان يرغمون أهالي البلاد على بذل أقصى الجهد في استغلال المرافق الاقتصادية .
ولم يتحمل المصريون كل ذلك في سبيل آلهتهم أو ملوكهم الوطنيين ، الذين يعتنقون نفس المعتقدات الدينية ويتكلمون نفس اللغة ويحيون نفس الحياة ، وإنما في سبيل صوالح ملك أجنبي ومن يحيط به من الأجانب ، الذين منحهم أفضل المناصب وخير الفرص لإثراء أنفسهم ، فظفر الأجانب بالثروة حين حلت الفاقة بالمصريين .
وإذا احتاج مصري إلى اقتراض نقود أو بذور ، فإنه كان يقترضها عادة من أحد هؤلاء الأجانب ، وإذا أراد استئجار قطعة أرض فإنه كان يستأجرها عادة منهم ، وفضلاً عن كل ذلك فإنه كثيراً ما كان يفرض عليه إيواء هؤلاء الأجانب في مسكنه . فلا عجب إذن أن أدرك المصريون أنهم قد أصبحوا غرباء في بلادهم ، أداة يجب أن تكون طيعة في خدمة الأجانب ، فتملكهم شعور جارف ضد أولئك الدخلاء .

ووسط هذه الظروف كان من اليسير أن يندلع لهيب الثورة لأي سبب ، فقد امتلأت النفوس غضباً وحقداً ، وتوفر جيش الثورة من ملايين الزراع والصناع والعمال الذين لم ينقصهم القادة ، فإن النبلاء المصريين وقد عصف البطالمة بمكانتهم وثروتهم وامتيازاتهم ، وكذلك رجال الدين قود كيلهم البطالمة بالقيود التي كسرت شوكتهم ، كانوا جميعاً يحنون إلى استعادة ما كانوا ينعمون به في الماضي من الكرامة والعزة والنفوذ والثراء .
ولم يؤد مضي الزمن إلا إلى ازدياد الهوة بين الفريقين ، وساعد على ذلك أيضاً صرامة العقاب ، الذي كان يكال للناقمين على سوء الحال ، و كان لا ينقص المصريين إلا الحافز الذي يعيد إليهم ثقتهم بأنفسهم ويزكي روح الوطنية الكامن في صدورهم ، فيخلصوا بلادهم من نير الأجنبي ، كما تخلص أجدادهم من الهكسوس بعد حكم دام مدة لا تقل عن قرن .



الثورة الأولى




لقد نشبت أول ثورة شعبية في عهد بطلميوس الثالث في خلال حربه السورية ، فلو لم تستدع الملك ثورة داخلية لاحتل كل مملكة السلوقيين ، فالاستعدادات الكبيرة لفتوحات بطلميوس الثالث الواسعة أنطوت على ازدياد ضغط الحكومة على الأهالي ، و القسوة المتزايدة في وسائل الأداة الحكومية و مطالبة مزارعي الملك بإيجازات باهظة .
فهذه الحركة كانت ثورة قومية أدت إليها هذه العوامل ، وساعد عليها غياب قوات الحكومة في الخارج ، وكذلك تلك المجاعة التي ترتبت على نقص الفيضان عن منسوبه ، فسارع بطلميوس الثالث إلى إنقاذ الموقف باستيراد القمح من سوريا وفينيقيا وقبرص وغيرها من الأقاليم ، وربما تعزى هذه الثورة أيضاً إلى توزيع اقطاعات كثيرة بين أسرى الحرب الآسيويين ، مما أفضى إلى إزعاج المزارعين المصريين .
ويعتقد البعض أنه قد ظهرت في عهد بطلميوس الثالث نبوءة ، وتتكشف هذه النبوءة عن كره عميق للإسكندرية وعداء دفين للأجانب ، وتتنبأ بقيام زعيم وطني يحرر البلاد من مغتصبيها ، ويعيد العاصمة إلى منف ، ويتولى حكم مواطنيه ، وكانت هذه النبوءة تعبر عما يجيش في صدور المصريين من الآلام والآمال إنذاك و بلبلة أفكارهم واضطراب أحوالهم ، مما أدى إلى ثورة مصرية ، بلغت في الخطورة حدا اضطر الملك معه إلى أن يترك فتوحاته الأسييوية ويعود مسرعاً إلى مصر .
كانت سياسة البطالمة الأوائل الداخلية سياسية سيطرة على أهالي البلاد يشارك الملك فيها أعوانه المدنيون والعسكريون الذين كان أغلبهم من الإغريق أما منذ عهد بطلميوس الرابع ، فقد اتبع البطالمة سياسة جديدة في معاملة المصريين .
ويعتقد البعض أن البطالمة قد استبدلوا عندئذ بسياسة السيطرة على المصريين سياسة إشراكهم في الحكم ، وهناك رأي اخر يقول ان البطالمة وإن كانوا قد غيروا حقًا سياستهم الأولى ، إلا أنهم لم يذهبوا إلى حد إشراك المصريين في الحكم ، بل اكتفوا بمنحهم بعض الامتيازات وفي الوقت نفسه استمروا يوالون الإغريق بعطفهم ، والدليل على صحة هذا الرأي أن أغلب المناصب الكبرى والضياع والاقطاعات الكبيرة بقيت من نصيب الإغريق ، وإن النظام الاقتصادي والمالي الصارم بقى في جوهره كما هو بما ينطوي عليه من إرهاب المصريين .





الثورة في عهد فيلوباتور




يبدو أنه كان لحكم هذا الملك ونشاط كبير وزرائه سوسيبيوس من الأثر في تطور تاريخ مصر أكثر مما توحي به المصادر الأدبية .
ومن المحتمل أنه في خلال الاستعدادات لمحاربة أنطيوخوس الثالث ، وكذلك في خلال الثورة القومية التي أعقبت ذلك ، أدخل فيلوباتور وسوسيبيوس بعض التعديلات على النظم المالية والإدارية لمواجهة تكاليف هذه الأعباء فضلاً عن تكاليف العطايا السخية التي أجزلها فيلوباتور لجيشه وللمعابد بعد رفح ، إذ يلوح أنه قد زيدت بعض الضرائب وإيجارات الأراضي الملكية بوجه خاص ، وأنه قد فرضت ضرائب جديدة ، حتى أن بعض المؤرخين يرون أن بطلميوس الرابع هو الذي أنشأ ضريبة الرأس ، ومن المحتمل أيضًا أن ازدياد نفقات الحكومة وفي الوقت نفسه نقص مواردها ، نتيجة لتدهور مرافق البلاد الاقتصادية منذ أواخر القرن الثالث ، أديا إلى إزدياد التشدد في جمع الإيجارات والضرائب وكافة استحقاقاتها ، وإلى الإكثار من الأعباء والالتزامات غير العادية .
ولابد من أنه قد ترتب على كل ذلك إدخال بعض التعديلات على نظام الإدارة الحكومية ، وبعض التعديلات الهامة في الإدارة الماية ، مثل تقوية العنصر الإداري وتنظيم العلاقات بين الموظفين المسئولين عن جمع الضرائب تنظيماً دقيقاً ، ولما كان ازدياد التشدد في جمع الضرائب ، وفي تنفيذ قواعد المسئولية المادية الملقاة على عاتق الموظفين والملتزمين وضامنيهم ، قد أدى إلى مصادرة الأملاك في كثير من الأحيان ، فلابد من أن تكدس هذه الأملاك المصادرة قد أفضى إلى إنشاء إدارة خاصة لتتولى أمرها .
و من بين الوسائل التي لجأ أليها بطلميوس الرابع لمحاربة أنطيوخوس الثالث إدماج الجنود المصريين لأول مرة في صلب الجيش العام ، بعد أن كانوا لا يؤلفون حتى ذلك الوقت إلا الفرق الإضافية في الجيوش البطلمية ، وقد كان ذلك تغييراً خطيراً في سياسة البطالمة ، لإرضاء الكرامة المصرية ، إذ لا يبعد أن الحكومة كانت تخشى أن يتكرر في خلال هذه الحرب ، وقت أن كان العدو على مقربة من الحدود المصرية ، ما حدث في أثناء اشتباك بطلميوس الثالث في حربه السورية .
ولذلك يبدو أن الحكومة قد استفادت من عبرة الماضي ، وحاولت بإدماج المصريين في صلب الجيش إعطاء هذه الحرب طابعاً قومياً ، لتضمن سلامة مؤخرتها من أن تتهددها ثورة قومية .

لقد نجحت سياسة فيلوباتور في كسب الحرب ، لكنها تمخضت عن نتائج خطيرة بعد ذلك مباشرة ، ذلك أن الجيش ما كاد يعود مظفراً من موقعة رفح حتى اشتعل لهيب الثورة بين المصريين ، لأن الجو كان مشبعاً بالاضطراب أبان حكم فيلوباتور قبل هذه المعركة وبعدها ، ولأن هذا الملك المستهتر الضعيف ، الذي كان واقعاً تحت تأثير بطانة من أهل السوء لا يعرفون الضمير ، قد قضى في بادية حكمه على عمه ليسيماخوس وأخيه الصغير ماجاس وأمه الملكة برينيكي ، وزاد الأعباء المفروضة على المصريين ، فلا عجب إذن أن المصريين ، عندما استشعروا قوتهم بعد انتصارهم في موقعة رفح ولمسوا أدلة ضعف فيلوباتور ، قدهبوا ثائرين على ما كانوا يلقونه من صنوف الظلم والإرهاق .
مما اضطر فيلوباتور إلى ترك حياة اللهو لمحاربة المصريين ، ويظن أن الثورة بدأت في مصر الوسطى والدلتا ، أن المصريين لم يشتركوا جميعًا في الثورة ، وأولئك الثوار كانوا مزارعين واضطروا إلى هجر أراضيهم لارتفاع إيجارها أو لشدة وطأة أعمال السخرة في قريتهم ، أو لعلهم كانوا أيضاً صناعاً أرهقتهم الالتزامات الجائرة أو كثرة العمل المضنية ، فهجروا جميعاً قريتهم إلى الصحراء أو المستنقعات إلى أن جاء الوقت المناسب للهجوم على قريتهم ، ومن الجائز أيضًا أن يكون الثوار قد جاءوا من قرية أخرى أو أي معقل للثورة ، لرفع لوائها في هذه القرية ومهاجمة الموالين للأجانب .
أن بعض رجال الدين لم يساهموا في الثورة وأظهروا ولاءهم للنظام القائم ، فاعتدى الثوار عليهم وعلى معابدهم ، ويعزو بعض المؤرخين ولاء كهنة الوجه البحري إلى المنح التي جاد بها عليهم بطلميوس الرابع ، وهناك رأي أخر يقول أن سبب ولاء كهنة الوجه البحري للبطالمة لم يكن المنح بل عداءهم لكهنة طيبة ، غير أنهم استغلوا موقفهم ليفوزوا بمنح كثيرة من البطالمة .
وقد كانت منطقة طيبة أحد معاقل الثورة الرئيسية ، فإنها بزعامة أرماخيس ثم انخماخيس ، وبمعاونة النوبيين فيما يظن ، اشتبكت في صراع عنيف مع فيلوباتور ثم بعد ذلك مع ابنه ابيفانس .
أن الثورة التي وقعت في عهد بطلميوس الرابع لم تختلف كثيرًا في طبيعتها عن الثورة التي وقعت في عهد بطلميوس الثالث ، والثورات التي وقعت في عهد البطالمة المتأخرين ، لكن ثورة عهد بطلميوس الرابع كانت أخطر من سابقتها ، لأن الجنود المصريين كانوا عندئذ أفضل تدريباً وتسليحاً ورأوا في مديان القتال في أثناء موقعة رفح أنهم لا يقلون كفاية ومقدرة عن الإغريق والمقدونيين ، وعندما عادوا من انتصارهم في موقعة رفح إلى قرأهم وأخذوا يباشرون حياتهم العادية ، ازداد أحساسهم بالألم من مركزهم الوضيع بالنسبة للأجانب ، وحنقوا أكثر مما كانوا يحنقون في الماضي على الأعباء المتزايدة التي كان النظام الاقتصادي والمالي يفرضها عليهم ، فهبوا ثائرين على طغاتهم وكل من لاذ بهم أو انتصر لهم أو تخلف عن موكب الوطنية .

ولا يبعد أن أحد العوامل الهامة ، التي الهبت مشاعر المصريين ـ وخاصة في مصر العليا ـ ودفعتهم إلى الثورة ضد البطالمة ، كان بقاء التقاليد الفرعونية في وادي النيل جنوبي مصر ، لأنه إذا كان الغزاة المقدونيون والإغريق قد أخضعوا مصر نفسها ، فإنهم لم يخضعوا كل دولة الفراعنة القدماء ، أو بعبارة أخرى كل منطقة الحضارة المصرية ، ولا شك في أنه عندما كان المصريون الوطنيون يرون تقاليدهم القديمة تسود ذلك الإقليم الواقع إلى ما وراء الحدود الجنوبية ، كانت صدورهم تتأجج وطنية ، وكانت تبدو لهم بارقة أمل في إحياء ماضيهم المجيد واسترجاع حريتهم العزيزة ، فيدفعهم كل ذلك إلى البذل والفداء .
إن الشلل الذي أصاب سياسة مصر الخارجية على عهد بطلميوس الرابع يفسر عادة بإهمال هذا الملك للشئون العامة وبغرامة بحياة اللهو والمجون ، لكن لعله كان للثورة المصرية نصيب في هذا الشلل ، إذ يبدو بجلاء أنها كانت ثورة خطيرة اقتضت مجهوداً حربياً خطيراً وتمخضت عن نتائج اقتصادية فادحة ، لأنها أنقصت اليد العاملة وعطلت الزراعة والصناعة في مناطق واسعة .
ولا يبعد أيضاً أن تكون الاضطرابات التي عانتها مصر العليا قد أثرت في واردات مصر من الذهب عن طريق الجنوب ، وفي العلاقات التجارية بين مصر وبلاد النوبة وكذلك بين مصر والصومال ، ولذلك يبدو أن حكومة الإسكندرية ، وقد شغلت بالشئون الداخلية ، لم تجد وقتاً ولا مجالاً لمتابعة سياسة نشيطة في بحر أيجة ، ولا للمحافظة على سلامة البحار مثل ما كانت تفعل في الماضي .
وقد ترتب على ذلك أن فقدت مصر مكانتها الممتازة في حياة بحر أيجة التجارية ، وإن نقصت مواردها من تجارة بحر أيجة ، وإزاء سوء حالة البلاد الاقتصادية لجأت الحكومة في عهد بطلميوس الرابع إلى إجراءاين خطيرين ، وهما رفع القيمة الإسمية للعملة ثم إتخاذ البرونز قاعدة أساسية للنقد البطلمي .




الثورة في عهد إبيفانس




إذا كانت حال مصر سيئة في عهد فيلوباتور ، فإنها كانت أكثر سوءًا في عهد ابنته وخليفته أبيفانس ، ووقعت أضطرابات شديدة في الأسكندرية ، وكانت الثورة متأججة في بداية عهد أبيفانس في مصر العليا ، وكذلك في مصر السفلي .
فقد بلغ منسوب الفيضان في صيف (عام 197) حدا غير مألوف ، حتى أنه كان يخشى من طغيانه على معدات الحصار التي أقيمت حول ليكوبوليس ، وتفادياً لهذه النكبة ، سدت الفرق الملكية القنوات التي كانت تمد جهة ليكوبوليس بالماء وحولت مجراها في اتجاه آخر ، وعندما رأى زعماء الثورة أنه لم يعد هناك أمل في الاحتفاظ بموقعهم اضطروا إلى التسليم .
يُرى أن هذه الثورة التي يراها البعض مبعثها حقد دفين ضد الإغريق ، لم تكن إلا ثورة ضد الملك لأسباب اقتصادية واجتماعية ، بيد أنه لو كان الأمر كذلك لأفلحت منح الملك المادية في القضاء على الثورة ، وكان الزراع والجنود يشتركون في الثورة بأعداد متزايدة ، مما يدل دون شك على أن الدافع كان قومياً ، و المادة لم تستول إلا على النفوس المريضة ، وإن استكان بعض الكهنة للبطالمة فإن غالبية الأهالي العظمى كانت تعلل الأمل بطرد الطغاة الأجانب وإقامة فرعون قومي .
على اية حال إن العقاب الصارم الذي أنزله أبيفانس بالثوار في عام 197 والمنح التي جاد بها على المصريين لم تضع حداً للثورة ، و استمرت في الجنوب حتى العام التاسع عشر ـ على الأقل ـ من حكم أبيفانس (186ق.م) ، و يبدو أن الثورة استمرت في الجنوب حتى عام 184/183 ، وهو العام الذي قُضى فيه على الثورة في الدلتا ، ومثل الملك بالزعماء المصريين أفظع تمثيل .
ولا يبعد أن هؤلاء الزعماء كانوا ينحدرون من سلالة بعض الفراعنة القدماء ، وعندما يئس أولئك الزعماء الأبرار من نجاح محاولتهم ، سلموا أنفسهم بعد أن أمنهم الملك الإله أبيفانس على حياتهم ، لكنه لم يكن إلهاً باطلاً فحسب بل ملكاً مختلاً تغلب فيه حب الانتقام على كل نزعة شريفة ، فقد شد وثاق أولئك الزعماء إلى عجلته الحربية وجرهم وراءه عارين وشوههم ثم أعدمهم .
لقد هدأت الحال نسبياً في نهاية عهد أبيفانس ، و لم تضع الثورة أوزارها إلا تحت ضغط قوة خصومهم المتفوقة ، و تدهورت حالة البلاد الاقتصادية نتيجة لفساد نظام الحكم وثورة الأهالي .




الثورة في عهد فيلومتور




عندما توفي ابيفانس في الثامنة والعشرين من عمره ، ارتقى العرش مرة أخرى طفل صغير ، عانت مصر في عهده كثيرًا من جشع الأوصياء وفساد حكمهم ، ومن النزاع بين بطلميوس السادس فيلومتور وأخيه الصغير الذي عرف فيما بعد باسم بطلميوس يورجتيس الثاني .
و ديونيسيوس بتوسيرابيس قد حاول استغلال هذا النزاع لتحقيق الآمال التي كانت تجيش في صدور المصريين منذ مدة طويلة ، وبيان ذلك أن هذا الزعيم ، الذي كان يتولى منصباً كبيراً في القصر ويتمتع بنفوذ كبير بين المصريين ولعب دوراً ممتازاً في الحرب ضد أنطيوخوس وذاعت شهرته الحربية بين الناس ، أراد في عام 195/164 أن يتخلص من الملكين الأخوين الواحد بعد الآخر ، باستثارة خواطر الإسكندريين ضد بطلميوس السادس فيلومتور ، حتى إذا ما تم له ذلك استنفر فيما يبدو وطنية الأهالي ضد بطلميوس الصغير .
لكن فيلومتور خيب عليه خطته بمصالحة أخيه ، فانسحب ديونيسيوس إلى اليوسيس ، ضاحية الإسكندرية ، حيث التف حوله 4000 من الجنود لعلهم كانوا جميعاً من المصريين ، وعندما انقض عليهم فيلومتور وهزمهم ، تمكن ديونيسيوس من الفرار وإشعال لهيب الثورة في البلاد .
تولى فيلومتور بنفسه إخماد الثورة بمعاونة قوات كبيرة ، و استطاع إخمادها بسهولة في منطقة طيبة فيما عدا مدينة بانوبوليس (مدينة أخميم الحالية) التي قاومته مقاومة عنيفة ، إذ يبدو أن صعوبة الوصول إليها بسبب ارتفاعها ساعد الثوار على الاعتصام بها ، فلم يتوصل الملك أليها إلا بعد حصار شديد ، وبعد ذلك عاقب الثوار ثم عاد إلى الإسكندرية .
وجدير بالملاحظة أن الثورة قد تركزت هذه المرة أيضًا في أحد معاقل عبادة آمون كما حدث في ثورة عهد فيلوباتور ، وقد يدل اهتمام فيلومتور بحماية الحدود الجنوبية على مساعدة النوبيين للمصريين في ثورتهم .
إن عدداً كبيراً من المصريين اشتركوا في الثورة وهلكوا في معاركها العديدة ، أو أعدموا بعد إخماد الثورة ، أو بقوا مختفين في الصحارى والمستنقعات ، فترتب على كل ذلك قلة اليد العاملة في كل أنحاء البلاد . وصاحب ذلك أيضاً قلة الماشية ، وتبعاً لذلك تأثرت الزراعة إلى حد بعيد كما تأثرت دون شك الصناعة والتجارة .

لكن الزراعة كانت تعني الحكومة قبل كل شيء لتوفير غذاء سكان البلاد ولأنها كانت مورد الحكومة الرئيسي ، ولما لم يعد يجدي استصراخ همة المتيسيرين لإنقاذ الموقف ، فإنه تقرر إرغام الجميع على المساهمة في زراعة الأراضي المهجورة .
ولم يفي هذا القرار الغرض المنشود منه ، فمن ناحية أخذ الموظفون ينفذونه بنشاط جم ولكن دون تفكير ، ذلك أنهم فسروا كلمة "الجميع" حرفيًا . ومن ناحية أخرى يبدو أن الأثرياء وذوي النفوذ استطاعوا أن يتخلصوا من العبء برشوة الموظفين واستغلال نفوذهم ، فوقع كل العبء أو أكثر على التاعسين الذين لا نفوذ لهم ولا مال يحيمهم من غائلة الموظفين .
ولما كان أغلبهم من مزارعي الملك الفقراء والجنود المصريين بوجه خاص فإن الموقف كان دقيقاً ، ولاسيما أن عدد الجنود المصريين الذين منحوا اقطاعات ازداد سريعًا منذ عهد فيلوباتور ، و كانوا يتمتعون بمركز هام في الجيش عقب موقعة رفح ، و عدداً منهم كان معسكراً في الإسكندرية بمثابة حرس خاص للملك ، وإزاء الأعباء التي ألقيت على كاهلهم تقدموا بظلاماتهم إلى الملك ، الذي خشى هو ومستشاروه عاقبة الأمر ، فبادر بإرسال تعليمات إلى مرءوسيه لرفع العب الذي لحق بالجنود المصريين وطبقات السكان الدنيا بوجه عام والمصريين بوجه خاص ، وكان ثائراً على مرءوسيه لغباوتهم ، فإنه لم يقصد "بالجميع" كل فرد بل جميع القادرين على تحمل العبء .
تعليماته كانت تنطوي على إرغام المتيسيرين من طبقة ملاك الأراضي على زراعة الأراضي المهجورة ، ولما كان الإرغام يؤدي دون شك إلى الإرهاق ، فإن أفراد تلك الطبقة حاولوا بطبيعة الحال أن يتخلصوا من التبعات التي فرضت عليهم ، وكانت حيلهم لتحقيق ذلك كان التسرب إلى صفوف تلك الطبقة الممتازة ، طبقة رجال الجيش ، ولذلك اتخذت الحكومة من الإجراء ما يحول دون ذلك .
وقد كان الإرغام سلاحًا خطيراً ، وكان بعض الأهالي يحاولون تفادية والبعض الآخر يقابلونه بالشكاوي المريرة والإضراب عن العمل وهجر مواطنهم ، مما كان يساعد على إشعال لهيب الثورة ، ولذلك فإن الحكومة كانت لا تلجأ دائماً إليه ، أو كانت تحاول تخفيف عبئه ، بإنقاص الإيجار أو منح بعض الامتيازات للزراع لقاء استصلاح الأراضي البور المهجورة ، وذلك بإعفائهم من الإيجار مدة عشر سنوات أو خمس ، ثم فرض إيجار أسمى مدة معينة ، وبعد ذلك يحصل الإيجار كاملاً . وإذا كانت النتيجة مُرضية في بعض الحالات ، حيث أعيدت الأرض إلى حالها السابقة ، فإنها لم تكن كذلك بوجه عام لأنها لم تضع حداً لإطراد زيادة مساحة الأراضي غير المنزرعة التي كانت الحكومة لا تصيب منها أي دخل .
وقد كان يزعج الحكومة كذلك نقص مواردها من الضرائب فكانت تضغط على الملتزمين ، و استخدموا كل وسيلة مشروعة وغير مشروعة في امتصاص دمائهم .

أن بعض الجنود المصريين كانوا موالين للملك ، على حين اشترك البعض الآخر في الثورة ضده ، ويدل نجاح البطالمة في إخضاع الثورات المصرية على أنه إذا كان الكثيرون من الجنود المصريين قد اشتركوا في هذه الثورات ، فإن غالبيتهم موالين للبطالمة ، ويبدو أن الكهنة المصريين قد انقسموا أيضًا بين ثائرين على المك وموالين له .
إن القضاء على الثورة لم يضع حداً للاضطرابات في مصر ، ولذلك فإنه ما كاد فيلومتور يعود من روما بعد أن أحرز نصراً سياسياً على أخيه الصغير ، حتى أعلن في عام 163 عفواً يشمل كل الذين كانوا مختبئين أو أتهموا باشتراكهم في الثورة ، وعلى الرغم من ذلك لم يستتب الهدوء والأمن في البلاد .




الثورة في عهد بطلميوس الثامن




إزاء الأحوال السيئة التي عمت البلاد ، اضطرت الحكومة إلى منح بعض الامتيازات لفئات مختلفة من سكان البلاد (الكهنة والجنود وملاك الأراضي الذين أقبلوا على استصلاح الأراضي المهجورة) لكن هذه الامتيازات وإن كانت قد عدلت النظام الاقتصادي الذي وضعه البطالمة الأوائل بتخفيف إشراف الحكومة على نشاط الأفراد الاقتصادي ، فإنها لم تتسطع وقف تيار التدهور ، ولم تقض على إرهاق الحكومة للأهالي ، ولذلك استمروا في تذمرهم ويتطلعون إلى القيام بثورة جديدة .
وقد أتاحت لهم ذلك ظروف عهد بطلميوس الثامن ، الذي كان عامراً بالنزاع الأسرى والإضطراب ، وعلى الرغم من أن الملك الجديد اقتفى أثر إسلافه وأصدر في بداية حكمه قرار عفو واحد على الأقل فإن السكينة لم تستتب في البلاد ، إذ ورد في الوثائق عن مقاومة رجال الشرطة في الفيوم لنشاط جماعات المزراعين الهاربين من أراضيهم ، مما حدا بالكهنة إلى الشكوى منها وانتهاز الفرصة لتأييد حقوق يبدو أن بطلميوس الثامن كان قد منحهم أياها في بداية حكمه ، فإنه استجابة لشكوى بعض الكهنة أصدر قراراً جديداً وجهه لجميع موظفي الإدارة وعمال المالية .
وقد جاء في هذا القرار أنه ، يجب عدم المساس بموارد المعابد ، وإلا يقوم أحد لأي سبب بجمع هذه الموارد فيما عدا من عينهم الكهنة لهذا الغرض ، ويجب إرغام المتقاعسين على أداء التزاماتهم المستحقة عليهم للمعابد بانتظام ، وذلك لكي يحصل الكهنة على كل مواردهم كاملة ولا يعوقهم شيء عن القيام بواجباتهم الدينية ، وإذا كان عمال الكهنة هم الذين أصبحوا يجمعون كافة موارد المعابد بمقتضى ما أقره بطلميوس الثامن ، فإن هذا ينهض دليلاً على أن الحكومة لم تعد على الأقل رسمياً منذ حوالي منتصف القرن الثاني تدير أراضي المعابد ، وهذا فوز كبير للكهنة لم يفلحوا في استخلاصه من براثن البطالمة إلا نتيجة لتقلقل مركزهم وضعف سلطانهم .
وفي عام 131 ق.م أعطت الإسكندرية شارة البدء بالثورة ، ففي ذلك العام أرغمت كليوبترا الثانية وأنصارها الملك على الهرب من الإسكندرية ، فالتجأ إلى قبرص لكن غيبته عن مصر لم تزد على بضعة شهور وإن كان لم يفلح في استرداد الإسكندرية ذاتها قبل أغسطس عام 127 ق.م .
ويرى بعض المؤرخين أن مصر رجحت إصدار هذا الخلاف وانقسمت فريقين ، وأنه كان يؤيد كليوبترا الثانية على الأقل جانب من الإغريق وكذلك اليهود وجانب من الجيش ، على حين كان يؤيد بطلميوس الثامن بقية الجيش وكثير من المصريين أو من المحتمل غالبيتهم بزعامة الكهنة ، وأن هذه الحرب الأهلية كانت مزيجاً من النزاع الأسري والثورة القومية ولذلك عمت الفوضى البلاد. أننا نعتقد أن هذه الحرب الأهلية كانت ح قًا مزيجاً من النزاع الأسرى والثورة القومية ، وأنه عمت البلاد فوضى عنيفة أمعن القدماء في وصف فظائعها وأهوالها .

وتفسير ذلك أنه كان لكليوبترا الثانية حزب يضم الجانب الأكبر من إغريق مصر والمتأغرقين وسائر خصوم كهنة آمون ، ولذلك كان الموقف الطبيعي لغالبية المصريين هو مناهضة هذا الحزب أشفاء لغليل حقدهم على الإغريق ومن هادنهم من المصريين ، فبدوا كما لو كانوا يناصرون بطلميوس الثامن ، وعلى كل حال يبدو أن المصريين انتهزوا فرصة ضعف الحكومة للإعراب عن مشاعرهم المكبوتة إزاء ما كانوا يعانونه من الإرهاق والظلم .
وبينما اتخذ غضب المصريين في الوجه البحري ومصر الوسطى شكل الأضراب عن العمل ، اتخذ في مصر العليا شكل قتال بين المدن والقرى بعضها مع بعض ، فقد كانت بعضها لا يعترف إلا بطلميوس الثامن ملكاً شرعياً ، والبعض الأخر ، لا يعترف إلا بكليوبترا الثانية .
ولم تؤد عودة بطلميوس الثامن إلى الإسكندرية في عام 127 ق.م ، ولا عقد الصلح بينه وبين كليوبترا الثانية في عام 124 إلى انتهاء الثورات في البلاد ، ولما لم تكف القوة وحدها في القضاء على الاضطرابات والقلاقل والثورات ، فإن بطلميوس الثامن حاول وضع حد لذلك بإصدار قرار أو سلسلة قرارات لمعالجة الأسباب التي أدت إلى هذه الحالة والنتائج التي ترتبت عليها .
وليس أدل على ضنك الطبقات العاملة وسوء حالتها من أن عادة وأد الأطفال قد انتقلت تدريجياً من الإغريق إلى المصريين عامة ، وتفشت بين الطبقات العاملة خاصة ، وكل ما فعلوه هو أنهم حاولوا حماية أولئك التاعسين من جور موظفي الحكومة العابثين ، فقد بقى زراع الملك والصناع وأرباب المهن والحرف المختلفة أداة في قبضة الحكومة لإمداد الملك بموارده ، دون أن يكون لهم من الحرية الاقتصادية إلا قسط محدود جداً .
وقد حاولت الحكومة بشتى الطرق إقناع الطبقات العاملة بأن دورهم في الحياة مقصور على خدمة موارد الملك بسواعدهم ، فكان طبيعياً ألا يقبل الملايين من الزراع والصناع والعمال على عملهم بحماس ونشاط ، على الرغم من تظاهرهم بمشاطرة الحكومة أفكارها .
ولذلك كثيراً ما أهملوا الزراعة وتراخوا في إصلاح الجسور وتطهير القنوات وفي القيام بأعمالهم في المصانع والحوانيت ، وكثيراً ما كان الزراع لا يقدمون كل حبوبهم لدرسها أو كل النبات الزيتية لعصرها .
وقد ترتب على هذه الروح ونقص اليد العاملة ، بسبب الانقطاع عن العمل والثورات ، نتائج بعيدة المدى في مجالي الزراعة والصناعة ، ولما كانت الحكومة ـ كما هي العادة ـ تؤاخذ الموظفين على ذلك وتتطلب منهم النشاط في السهر على مواردها فإن الموظفين إزاء مسئوليتهم المادية والشخصية قبل الحكومة كانوا يضغطون بدورهم على مرءوسيهم وهؤلاء على الطبقات العامة .

ولكي تساعد الحكومة موظفيها على الاضطلاع بأعمالهم ، أطلقت يدهم من كل قيد ومنحتهم اختصاصاً قضائياً واسعاً في الشئون المالية ، فأساء الموظفون السطات التي منحت لهم وأرهقوا الأهالي ، حتى بدا إن الموظفين كانوا مصدر كل الشر الذي عاناه الأهالي .
وقد حاول بطلميوس الثامن وغيره من البطالمة كبح جماح شهوات الموظفين دون طائل لأن السلطة المركزية لم تعد قادرة على تنفيذ قوانينها وأوامرها ، وينهض دليلاً على ذلك أن حالة الطبقات العاملة لم تتحسن في آخر القرن الثاني وبداية القرن الأول ، وإن سوء تصرفات الموظفين كان فاشياً .
وإزاء سوء الأحوال الاقتصادية والاجتماعية وفساد الموظفين أكتسبت إحدى منح المعابد أهمية كبيرة ، حق حماية اللاجئين الذي لم يتمتع به في عهد البطالمة الأوائل إلا القليل من المعابد الكبيرة ، وكان يضاف إلى هذا الحق أحياناً حق الإعفاء من الضرائب ومن الالتزمات الإضافية ، وإذا كان البطالمة الأوائل قد حرصوا على أن يقيدوا تدريجياً الحق الممنوح للمعابد لحماية اللاجئين إليها ، فإنه كلما ضعف البطالمة وازداد نفوذ رجال الدين وكذلك نفوذ الموظفين وعبثهم ، ازداد إصرار الكهنة على مطالبة الحكومة بإحترام وتأييد هذا الحق الذي منح لعبض المعابد .
وأهم مظاهر هذا الحق هو ألا يسمح الكهنة بدخول معابدهم إلا للأشخاص الذين يعتبرونهم مرغوباً فيهم ، ولذلك فإنهم كانوا يضعون في أبرز الأماكن في المعابد لوحات تحمل هذه العبارة "لا يسمح بدخول الأشخاص الذين لا شأن لهم في المعبد" ، وقد كان الكهنة يصرون بأنه لا يحق لأحد أن يدخل المعابد عنوة للاعتداء على الكهنة أو على الذين احتموا بالمعابد ، أو لإخراجهم من المعابد .
ولم يقصد الكهنة بحق حماية اللاجئين إلى المعابد مناهضة القوانين والنظم القائمة ، وإنما مناهضة عبث الموظفين وجورهم وكذلك مواجهة دخول بعض الأهالي المعابد عنوة .




الثورة في أواخر عهد البطالمة




لم تجد فتيلاً المحاولات التي بذلها بطلميوس الثامن لتهدئة البلاد ، فإنه عقب وفاته في عام 116 ق.م بقيت البلاد تعاني نفس ما كانت تعانيه في خلال حياته من ظلم ، نتيجة للصراع على السطلة .
وقد نشب هذا الصراع أولاً بين كليوبترا الثالثة وكليوبترا الثانية حتى وفاة الأخيرة في أواخر عام 116، وثانياً بين كليوبترا الثالثة وابنها الأكبر بطلميوس التاسع سوتر الثاني الذي أرغمها الإسكندريون على إشراكه معها في الحكم بدلاً من ابنها المفضل لديها بطلميوس إسكندر وانتهى الأمر بطرد سوتر الثاني (عام 107 ق.م) وذهابه إلى قبرص ليعد العدة لاستراداد عرشه ، وثالثاً بين كليوبترا الثالثة وابنها بطلميوس إسكندر الذي لم يكن أسعد حظاً من أخيه مع أمه ، فقد صممت على أن تقبض على كل السلطات ، مما أثار الشحناء والبغضاء بينهما وبين أنصارهما إلى أن توفيت كليوبترا (عام 101 ق.م) فحكم بمفرده إلى أن طرده الإسكندريون (عام 89ق.م) ولقى حتفه في العام التالي .
وعندئذ استرد سوتر الثاني عرشه وظل يتولاه إلى أن توفي (عام 80ق.م) وبعد وفاة سوتر الثاني تربع على العرش بطلميوس أوليتس (الزمار) حتى عام 51 ق.م ، وكان الزمار ملكاً تافهاً أراق ماء وجهه وبدد ثروة مملكته في شراء اعتراف الرومان به ملكاً وحليفاً .
وعندما سطت روما على قبرص ـ أخر ممتلكات مصر الخارجية ـ تذمر الإسكندريون تذمراً شديداً ، وإزاء عجزه عن تهدئة ثائر رعاياه ، ذهب إلى روما (عام 58 ق.م) يستعديها عليهم ، وبعد غيبة دامت أكثر من عامين عاد إلى مصر (عام 55 ق.م) في حماية كتائب جابينيوس ، حاكم سوريا الروماني ، لقاء رشوة كبيرة ، فانتقم من خصومه شر انتقام ، وعين أكبر دائنيه ـ الممول الروماني رابيريوس ـ وزيراً للمالية ، فاعتصر دافعي الضرائب إلى حد أثار نقمتهم عليه وعلى الملك الزمار .
وفي عام 51 ق.م توفي الزمار مكروهاً من شعبه ومحتقراً من الرومان وعقب الخلافات الأسرية التي شهدتها بداية حكم كليوبترا السابعة ، أكتسبت مصر لفترة قصيرة أهمية سياسية عظيمة كانت أشبه بصحوة الموت ، إذ أن روما لم تلبث أن ضمتها إلى إمبراطوريتها في عام 30 ق.م .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://i-fr3on.yoo7.com
 
الثورات القومية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الثورات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
انا الفرعون :: مصر القديمة :: العصر البطلمى-
انتقل الى: